للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف الوتر بإحدى عشرة)، فذكر حديث عروة عن عائشة: "كان يُصلِّي من الليل إحدى عشرة ركعة ويُوتر منها بواحدة" الحديث.

ثم قال (١): (باب الوتر بثلاثَ عشرةَ)، وذكر فيه حديث أم سلمة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يُوتِر بثلاثَ عشرةَ ركعةً، فلما كبر وضعُف أوتَر بتسعٍ". وهو بمعنى الذي قبله، فالمراد بالوتر فيه صلاة الليل.

فالحق ــ إن شاء الله ــ أن الوتر حقيقة شرعية تقعُ على ما صُلِّي وِترًا بتسليمةٍ واحدةٍ، سواء أكان ركعةً أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا، ولا يثبت أكثر من ذلك.

وهذا المعنى هو الذي عليه عامة الأحاديث والآثار، وهو المتبادر من لفظ الوتر؛ إذ الوتر في اللغة هو كما في "القاموس" (٢): "الفرد أو ما لم يتشفَّعْ من العدد"، وذلك إنما يُعتبر فيما جُمِع، لا فيما فُرِّق. فلو صلَّى ركعتين ثم سلَّم ثم صلَّى ثلاثًا، لم يَنْبغِ أن يُطلَق الوتر إلّا على الثلاث التي وقعت بتسليمة واحدة، ولا تشركُ معها الركعتان، لانفصالِ كلٍّ من الصلاتين عن الأخرى وانقطاعها.

وقد أفهمك حسنُ صنيع الإمام النسائي رحمه الله ما قلناه من أن لفظ: "الوتر ركعة من آخر الليل" هو بعض الحديث الآخر، وإنما أفرده ابن عباس وابن عمر لأن أبا مِجْلَز إنما سألهما عن الوتر كما في مسلم (٣)، وأصل


(١) (٣/ ٢٤٣).
(٢) (٢/ ١٥٢).
(٣) رقم (٧٥٣).