للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتعصب له حتى يلي القضاء، فإذا ولي (١) القضاء قضى بالحديث. وكان بينه وبين معاذ بن معاذ نفرة، ذكروا له قضية لمعاذ بن معاذ فأفتى بخلافها، فلما ولي القضاء قضى بقول معاذ! فقيل له في ذلك فقال: «كنت أنظر في كتب أبي حنيفة، فإذا جاء دخول الجنة والنار لم نجد القول إلا ما قال معاذ».

وأخرج الدارقطني في «السنن» (ص ٢١٤) (٢) حديثًا من طريق محمد بن موسى الحارثي (الإصطخري)، عن إسماعيل بن يحيى بن بحر الكرماني، عن الليث بن حماد الإصطخري، عن أبي يوسف، عن غورك بسنده. قال الدارقطني: «تفرد به غورك عن جعفر، وهو ضعيف جدًّا، ومن دونه ضعفاء». فروى الخطيب عن بعضهم أنه لما كانت «السنن» تقرأ على الدارقطني بلغ هذا الموضع فقيل له: إن فيهم أبا يوسف فقال: «أعور بين عميان» يريد أن أبا يوسف وإن كان فيه ضعف ما فهو أحسن حالًا من غورك، والليث بن حماد ومن معهما في السند من الضعفاء.

فأما قوله مرة أخرى: إن أبا يوسف أقوى من محمد، فذلك ــ والله أعلم ــ بالنظر إلى حال محمد مطلقًا؛ فإن من الأئمة من يتكلم في محمد، ومنهم من قوَّاه في روايته عن مالك خاصة، كما قاله الذهبي في «الميزان» (٣). فمحمد قويّ في روايته «الموطأ» عن مالك خاصة، فأما في بقية حديثه فيرى الدارقطني أن أبا يوسف أقوى منه.


(١) (ط): «أولي».
(٢) (٢/ ١٢٥).
(٣) (٤/ ٤٣٣).