للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١١] الحمد لله

بعد هذا قرأت في «تاريخ المحبّي» (١) في ترجمة إبراهيم الصمادي الواعظ ما لفظه: «ومنهم مسلم الكبير مذكور في نسبهم (٢)، وهو صاحب الطبل المستقرّ عندهم من نحاس أصفر كان معه في فتح عكة يضربون به عند سماعهم ووَجْدهم، وقد سُئل كثير من العلماء عنه فأفتى البدر الغزي والشمس بن حامد والتقوي ابن قاضي عجلون بإباحته في المسجد وغيره قياسًا على طبول الجهاد والحجيج؛ لأنها محركة للقلوب إلى الرغبة في سلوك الطريق، وهي بعيدة الأسلوب عن طريقة (٣) أهل الفسق والشر».

أقول: قوله: لأنها محركة للقلوب ... إلخ، يريد أن ذلك هو العلة المبنيّ عليها القياس، وهي الترغيب والتنشيط لسلوك ما في سلوكه مشقة من الخير.

والجواب: بمنع كون هذا الوصف هو العلة في الأصل. لِمَ لا تكون العلة هي قصد اهتداء من ضلّ من المجاهدين والحجاج؛ لأن المسافرين مع كثرتهم يتخلّف بعضهم لقضاء حاجته، ويعيى بعض المشاة، وتعيى دابّة بعض الركبان، وتشرد بعض دوابهم، ويعرِّس بعضهم وراء الجيش، ويبتعد بعضهم في طلب الماء أو طلب الظلّ في الهاجرة، أو طلب الطريق إذا ضل الدليل، وغير ذلك. ويعرض لهم ذلك دائمًا، فلا يكفي مجرّد التصويت لدفعه= لا جَرَم رُخِّص لهم في التطبيل.


(١) وهو «خلاصة الأثر»: (١/ ٥٠).
(٢) الأصل: «نِسبتهم» والمثبت من المصدر.
(٣) الأصل: «طريق» والمثبت من المصدر.