قبيحًا، واحتُمل أن يجاب بأنه توكيد، قالوا: إنَّ التوكيد لا يحسن في البيت؛ لأن المقصود فيه بيان القصد فقط.
وفي جوابهم نظر، ولكن المقصود دفعُ ما قد يُقال: جَعْلُ الدعاء والنداء بمعنًى واحد منافٍ لبلاغة القرآن، والله أعلم.
قالوا: واستعمل الدعاء في سؤال الله تعالى, أي طلب الحوائج منه، كما في قوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: ٥٥] وغير ذلك من الآيات الكثيرة، وهذا صحيح كثير في القرآن والسنة وعلى ألسنة المسلمين، ولم أره استُعمِل في السؤال من غير الله تعالى إلَّا أن يُعَدَّ منه دعاء المشركين آلهتهم كما في قوله تعالى:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن: ١٨] وغيرها, ولكن أهل اللغة وأكثر المفسرين يجعلون هذا معنىً ثالثًا فيقولون: إنَّ الدعاء في هذه الآية بمعنى العبادة، قال بعضهم: وهو من التعبير عن العامِّ بالخاصِّ، فالدعاء الثاني وهو سؤال الخير نوع من العبادة، فاستعمل لفظه في الآية ونحوها في مطلق العبادة، فجَعَله مجازًا على مجاز.
وعندي في هذا وقفة؛ إذ مع كونه مجازًا على مجاز فلا دليل عليه، وإنما حملهم عليه أن القرآن [يخاطب بالعبادة كما يخاطب بالدعاء](١).
فأما الدعاء فجاء في حق الأصنام على احتمالٍ فيه، وذلك في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا
(١) ما بين المعقوفين غير واضح في الأصل، والمثبت اجتهاد مني.