جَوْف الملَك، فطَهِّروا أفواهَكم للقرآن». قال: ورجاله رجال الصحيح، إلاّ أنّ فيه فُضَيل بن سليمان النميري وهو وإن أخرج له البخار ي ووثَّقه ابن حبّان فقد ضعَّفه الجمهور (١)، فتأمّل.
إذا تأمّلتَ ما مرَّ من الأحاديث علمتَ أنّ أمر السواك أمر مهمٌّ، وقد بيَّن الحديثُ الآخر أقوى علله، وهو أنّه مَطْهرة للفم، وهو طريق القرآن؛ لأن الإنسان لا يخلو من التلفظ بقرآنٍ أو ذكرٍ أو اسمٍ من أسماء الله أو اسمٍ من أسماءِ أنبيائه، وكما أن مسَّ المصحف مع الحدث حرام، وتلطيخه بالنجس المستقذَر حتى الرِّيق إنْ قارنَه استهزاءٌ فكفرٌ وإلاّ فحرامٌ، وكذا تلطيخ الذكر أو اسمٍ من أسماء الله أو اسمٍ من أسماء أنبيائه أو ملائكته ونحوه يَحرُم ذلك في الأماكن النجسة، وعند فعل المحرَّمات ومباشرة النجاسات، ويُكْرَه في الأماكن المستكْرَهةِ، وعند فعل المكروهات ومباشرة سائر المستقذرات، فكان القياس أنّه يحرم القراءة والذكر ونحوها عند تغيُّرِ الفم، لأنّ التلفظ بالقرآن بمنزلة كتابتها بل هو أبلغ، وأمّا مجرّد الرِّيق وما عَسُرَ إزالته من التغيُّر فيُعفَى عنه للضرورة.