للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٢)

[ل ١٦/أ] الحمد لله رافعِ السَّماءِ في الهواء، وباسطِ الأرضِ على الماء، ذي العزِّ والعَلياء، والقدرةِ التي لا تقوم بها جميعُ الأشياء. أحمده سبحانه وتعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأسأله أن يُعيذني وسائرَ المسلمين من البلاء والوباء والغلاء. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ونبيُّه الذي بالهدى ودين الحق أرسَلَه. اللهمَّ فصلِّ وسَلِّم على سيِّدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أهلِ المجد والعلاء.

أما بعد ــ عبادَ الله ــ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله. اعلموا ــ رحمكم الله ــ أنما نحن في هذه الدنيا زرعٌ للموت وعرضٌ للفوت، وإنما خلَقَنا الله لِنوحِّدَه، ورزَقَنا لِنعبدَه، وجعَلَ لنا هذه الدنيا دارَ عملٍ واكتسابٍ، والآخرةَ دار عملٍ (١) وحسابٍ؛ فإمَّا إلى نعيمٍ وثوابٍ، وإمَّا إلى جحيمٍ وعذابٍ. والله غفورٌ رحيمٌ، وهو شديدُ العقابِ.

كيف تُغْوينا أنفسُنا وشياطينُنا بهذه الدنيا، وإنَّها لحقيرة، وإنَّ لذَّتَها لَمنغَّصةٌ يسيرة؟ أنطمع فيها بالبقاء، أم لا نؤمن بالمعاد واللِّقاء، أم نرغب في العذاب والشَّقاء؟ إنَّها بلا شكٍّ زائلة فانية، وإنَّ الآخرة لا ريبَ فيها آتية، وإنَّ النَّارَ لحامية.

فأقلِعي أيتها الأنفسُ المغرورةُ، عما أنتِ عنه مزجورة، وارجعي إلى ما أنتِ به مأمورة. ولا تطمعي في امتداد الأجل، فإنَّما ذلك الشيطانُ يُمنِّيك


(١) كذا في الأصل، ولعلها: دار علم.