للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتزام طاعته ودينه ظاهرًا وباطنًا" (١).

وبعد ذلك رأيت في حاشية عبد الحكيم على شرح المواقف ما لفظه: " .... من حصل له تصديقٌ بلا اختيارٍ إذا التزم العمل بموجبه يكون إيمانًا اتِّفاقًا. ولو صدَّق النبيَّ بالنظر إلى معجزاته اختيارًا ولم يلتزم العمل بموجبه بل عانده فهو كافرٌ اتِّفاقًا. فعُلم أن المعتبَر في الإيمان الشرعيِّ هو الاختيار في التزام موجب التصديق لا في نفسه، وهذا هو التسليم الذي اعتبره بعض الفضلاء أمرًا زائدًا على التصديق" (٢).

وإذ قد تبيَّن أن من شرط الاعتداد بشهادة أن لا إله إلا الله أن تقع على وجه الالتزام، فمن الواضح أنه لا بدَّ من معرفة معناها كسائر صيغ العقود التي يلتزم بها المكلَّف ما لم يكن ملتزمًا له قبل.

ثم إذا وقعَتْ كلمة الشهادة مستكملة للشروط فشرط استمرار حكمها ألا يحدث من صاحبها ما يخلُّ بموجَبها، وهذا هو المقصود الحقيقي والثمرة المطلوبة، ولذلك وقع الاتِّفاق على أنَّ السجود للصنم أو الشمس أو نحوهما ردَّةٌ تخرج من الإسلام إلا المكرَه بشرطه، ولم يشترط في الحكم برِدَّة الساجد للصنم أو الشمس أن يُسَمِّي ما سجد له إلهًا أو يُسَمِّي سجوده عبادةً، بل لو كان حال السجود معلنًا بثباته على شهادة أن لا إله إلا الله وكانت هناك قرينةٌ تدلُّ أن سجوده إنما كان لغرضٍ عارضٍ، كأن جُعِلَ له مالٌ


(١) الهدي بهامش سيرة ابن هشامٍ ٢/ ٣٩. [المؤلف]. وهو في طبعة مؤسسة الرسالة ٣/ ٦٣٨.
(٢) حواشي شرح المواقف، موقف ٦، مرصد ٣، مقصد. [المؤلف]. ٨/ ٣٢٢ والنص المنقول لحسن جلبي في حاشيته لا لعبد الحكيم السيالكوتي.