للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أطلت في بيان هذا الشرط لأنني لم أره مشروحًا فيما وقفت عليه.

ثم رأيت صاحب "الهَدْي" ذكر قصَّةً وقعت لبعض النصارى في العهد النبويِّ، ثم قال: [ب ٩]: "وفيها: أن إقرار الكاهن الكتابي لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بأنه نبي لا يُدْخِلُه في الإسلام ما لم يلتزم طاعته ومتابعته، فإذا تمسَّكَ بدينه بعد هذا الإقرار لا يكون ردّة منه، ونظير هذا قول الحَبْرَين له وقد سألاه عن ثلاث مسائل، فلما أجابهما قالا: نشهد أنك نَبِيٌّ، قال: فما يمنعكما من اتِّباعي؟ قالا: نخاف أن تقتلنا اليهود (١)، ولم يَلْزَمْهُما بذلك الإسلامَ، ونظير ذلك شهادةُ عمِّه أبي طالبٍ له بأنه صادقٌ وأنّ دينه من خير أديان البريّة دينًا (٢)، ولم تدخله هذه الشهادة في الإسلام.

ومَن تأمَّل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بالرسالة، وأنه صادق، فلم تُدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، عَلِمَ أن الإسلام أَمْرٌ وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفةَ والإقرار والانقياد


(١) أخرجه التِّرمِذيّ في كتاب التفسير، بابٌ ومن سورة بني إسرائيل، ، ح ٣١٤٤، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. والنَّسائيُّ في كتاب تحريم الدم، السحر، ٧/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) قال ذلك في قصيدةٍ له، أورد بعضها ابن إسحاق في سيرته ص ١٣٦.