راجعون عن ذلك القول المخالف في حياتهم وبعد مماتهم، وأنه إذا صحَّ الحديث فهو قولهم ومذهبهم. فلو أن إنسانًا من المنتسبين إلى أحد الأئمة عملَ بحديث صحيح لكان أسعدَ خلْقِ الله باتباعِ مذهب ذلك الإمام، لأن القول الذي يخالف الحديث إن كان نصًّا من الإمام فهو مرجوع عنه بما ذكر، وإن كان من تخريج الأصحاب فهو أوهى وأوهنُ. هذا علاوةً على أنه أسعدُ خلق الله باتباع دين الله في تلك القضية.
فصل
ويقال لمن ناظر في مسألة التقليد: أمجتهدٌ أنتَ فيها أم مقلِّد؟
فإن قال: مجتهد، كان ذلك تسليمًا منه ببقاء الاجتهاد.
وقيل له: مجتهد مطلق أم في هذه المسألة فقط؟
فإن قال: مُطْلق.
قيل له: فلماذا تُنازع في مسألة التقليد؟
قال: ليترخص به العامة.
قيل له: إنه لا يَسوغُ للعامي العملُ بالتقليد إلا بعد علمه بجوازه، ولا سبيلَ له إليه، لأنه إن ادّعاه عن دليلٍ فالأدلة في ذلك ــ على علّاتها ــ ظنية، يفتقر جوازُ العمل بها إلى اجتهاد، وليس من أهله. أو عن تقليدٍ أيضًا عاد السؤال وهكذا. ونعني بالعلم الظنَّ الذي يُسوِّغ الشرعُ الاستنادَ إلى مثله.
وإن قال: بل في هذه المسألة فقط.
قيل له: هذا متوقّفٌ على القول بجواز تجزِّي (١) الاجتهاد، وإنها مسألة
(١) كذا في الأصل، مصدر تجزَّى بالتسهيل، والأصل: "التجزُّؤ".