للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، ومن قول مجاهد (١) وغيره من التابعين، وأخذ به نصًّا عبيدُ الله بن عبد الله بن عمر وبعضُ فقهاء مكة. والظاهر أنَّ كلَّ مَن روى الحديث من الصحابة فمَنْ بعدهم يأخذ به، ولا يُعدل عن هذا الظاهر إلا بإثبات خلافه. ولم يصحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تقدير آخر، فأما من بعده فرويت أقوال:

أولها: عن ابن عباس، ذكر ذَنوبَين (٢)، وفي سنده ضعف. ولو صحَّ لما تحتَّمت مخالفته للقلتين، فإن ابن عباس معروف بالميل إلى التيسير والتوسعة، فلعله حمل القلَّتين على الإطلاق، فرأى أنه يصدُق بالقلتين الصغيرتين اللتين تسع كلٌّ منهما ذَنوبًا فقط.

ثانيها: عن سعيد بن جبير، ذكر ثلاثَ قِلال (٣). وسعيد كان بالعراق، فكأنه رأى قلال العراق صغيرةً، كما أشار الشافعي إلى ذلك في القِرَب، فحزَرَ سعيد أنَّ ثلاثًا من قلال العراق تعادل القلتين اللتين يُحْمَلُ عليهما الحديث.

ثالثها: عن مسروق قال: "إذا بلغ الماءُ كذا لم ينجِّسه شيء". ونحوه عن ابن سيرين، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود (٤). وهؤلاء عراقيون، فإما أن


(١) انظر لهذه الآثار "مصنف" ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤) و"سنن" الدارقطني (١/ ٢٤، ٢٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤).
(٣) أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤).
(٤) أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة (١/ ١٤٤). وفيها جميعًا: "كُرًّا" بدل "كذا". والكُرُّ كَيْل يُقدَّر باثني عشر وَسَقًا، والوسق ستون صاعًا.