للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: لا توجد في «تاريخ بغداد» ولا غيره ترجمة باسم «نصر بن محمد البغدادي». وإعراض الأستاذ عن أن يشير إلى هذا فيقول: «مجهول» أو نحوه إلى الطريق التي سلكها يدلّ أنه قد عرف أن لفظ «نصر» تحريف وأن الصواب «مضر». ولمضر بن محمد البغدادي ترجمة في «تاريخ بغداد» (ج ١٣ ص ٢٦١) وفيها أنه يروي عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهما، وأن الدارقطني قال فيه: «ثقة».

فأما الشافعي فلا نعلمه احتجَّ بشيء ينفرد به محمد بن الحسن حتى يصحَّ أن يقال: إنه احتج به، ومع ذلك فلو وثَّق الشافعي محمدًا لما دل ذلك على بطلان النقل عن ابن معين، فقد كان الشافعي يوثِّق إبراهيم بن أبي يحيى الذي كذَّبه الجمهور، ثم استقرَّ الاتفاق على قولهم.

وأما توثيقُ ابن المديني، فإنما ذلك حكاية حكاها ابنه عبد الله عنه أنه قال: «صدوق»، وقد طعن الأستاذ في رواية عبد الله بن علي ابن المديني عن أبيه مطلقًا كما تقدم في ترجمته (١)، واستهان بقولهم: «صدوق» وكذَّب من قيلت فيه، كما تقدَّم في ترجمة علي بن جرير الباوَرْدي (٢).

وأما زَعْم الأستاذ أن ابن المديني أقرب من ابن معين إلى النيل من أصحاب أبي حنيفة، ففيه نظر؛ إذْ قد يكون ثناؤه أمام مسايرته للجهمية الحنفيَّة كما تقدم في ترجمته، وقد يستدل على [١/ ٤٩١] ذلك أن نيل ابن معين ثابت، وابن المديني أقرب منه إلى ذلك كما قال الأستاذ، فكيف يثبت


(١) رقم (١٦٣).
(٢) رقم (١٥٩).