للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٥٧] (١) في المعاريض وكلمات إبراهيم

يروى عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن في المعاريض لمندوحةً عن الكذب» (٢).

وعن عمر: «أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب؟» (٣).

وعن ابن عباس: «ما أحبُّ بمعاريض الكلام حُمْر النعم» (٤).

قال بعض أهل العلم: وهو كلام يشبه بعضه بعضًا في المعاني، كالرجل تسأله: هل رأيت فلانًا؟ فيكره أن يكذب وقد رآه، فيقول: إن فلانًا لَيُرَى.

أقول: كثيرًا ما يحتاج الإنسان إلى الجواب ويكره التصريح، كالمثال المذكور، فإن المسؤول لما سئل احتاج إلى الجواب، وهو لا يريد الإخبار بالصدق، كأن يقول: نعم، ولا بالكذب فيقول: لا. فسلك طريقًا ثالثًا فقال: «إنه لَيُرى»، وعدوله إلى هذا يدل السائل على كراهيته التصريح، ولكنه كره أن يعرض عنه، أو يقول: لا أخبرك، أو لا تسألني؛ لما في ذلك من الإيحاش وخشونة الخلق، وقد يؤدي ذلك إلى ما لا يحمد.


(١) كتب المؤلف قبله: «المطلب السابع» ثم شطب عليه، وكتب «التاسع» ثم شطب عليه أيضًا.
(٢) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ١٩٩) من حديث عمران بن حصين مرفوعًا، وقال: تفرد برفعه داود بن الزبرقان، وروي من وجه آخر ضعيف عن علي مرفوعًا.
(٣) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٨٨٤) والطبري في «تهذيب الآثار ــ مسند علي» (٢٤٢).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٨/ ٥٣٥) والطبري في «تهذيب الآثار» (٢٤٥) بنحوه.