للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: قد قَدَّمْتُ ما يوافقه في الجملة ويزيد عليه، ولكن بشرط عدم التقصير الهادم، وبهذا يجمع بين ما تقدَّم هنا وما تقدَّم في أوائل الرسالة من اشتراط اليقين. والله أعلم.

فصل

ومما ورد في الأعذار ما ثبت عن جماعة من الصحابة فيما قصَّه النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، قال: "أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر عليَّ [ربِّي] (١) ليعذبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا. قال: ففعلوا ذلك به، فقال للأرض: أَدِّي ما أَخَذْتِ، فإذا هو قائم فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك، فغفر له بذلك" (٢).

وجاء في بعض الروايات من قول الرجل: "لعلِّي أَضِلُّ (٣) الله"، قال الحافظ في الفتح: "قوله: (لئن قدر الله عليَّ)، في رواية الكُشمِيهَنيِّ: (لئن قدر عليَّ ربِّي)، قال الخطابيُّ ... إنه لم ينكر البعث، إنما جهل فظنَّ أنه إذا فُعِل به ذلك لا يُعاد ... قال ابن قتيبة: قد يَغْلَطُ في بعض الصفات قومٌ من


(١) هذه الزيادة من الصحيحين.
(٢) راجع صحيح مسلمٍ، كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله، ٨/ ٩٧، ح ٢٧٥٦ (٢٥). وصحيح البخاريِّ، قُبَيل كتاب المناقب. [المؤلف]. يعني كتاب فضائل الأنبياء، باب ٥٤، ٤/ ١٧٦، ح ٣٤٧٨.
(٣) يُقال: ضلَّ فلانًا، أي: فاته وذهب عنه فلم يقدر عليه. انظر: النهاية ٣/ ٩٨. المعجم الوسيط ١/ ٥٤٢.