للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، وإن الله تبارك وتعالى وضع البيت ولم يكن فيما حوله حقٌّ لأحد، ثم جعل له حِمًى واسعًا وهو الحرم الذي لا يحلُّ صيده، ولا تُعضَد شجره، فهذا الحرم كلّه من اختصاص البيت تقام فيه مصالِحُه، غير أنّه [يجوز] للناس أن يضعوا أيديهم على ما زاد عن مصالح البيت وينتفعوا به، على أن مصالح البيت [إن احتاجت] (١) يومًا ما إلى شيء مما بأيدي الناس من الحرم أُخِذ منهم، ووُفّيت به مصالح البيت. وإلى هذا يشير قول عمر للذين نازعوا في بيع دورهم لتوسعة المسجد قال: "إنما نزلتم على الكعبة فهو فناؤها، ولم تنزل الكعبة عليكم". تاريخ الأزرقي (ج ٢ ص ٥٥).

فما حول الكعبة هو من اختصاصها، ليُجعَل منه مسجدٌ يُطاف فيه ويُعكَف ويُصلَّى، فإذا جُعِل بعضُه مسجدًا صار مسجدًا، وبقي الباقي صالحًا لأَنْ يزاد في المسجد عند الحاجة، فما زيد فيه صار منه.

وما بين الصفا والمروة من اختصاصهما ليجعل منه مسعى يُسعى فيه بينها، فإذا جُعل بعضُه مسعى صار مسعى يصحّ السعي فيه، وبقي الباقي صالحًا لأن يُزاد في المسعى عند الحاجة، فما زيد فيه صار منه.

والكعبة هي الشعيرة في الأصل، شُرِعَ الطوافُ بها والعكوف عندها والصلاة، وهذه الأمور لا بُدَّ لها من موضع، فهو حولها، فالموضع كالوسيلة ليكون فيه الطواف بالكعبة وغيره.

وهكذا الصفا والمروة هما الشعيرتان بنصّ القرآن، فأمّا ما بينهما فهو بمنزلة الوسيلة ليسعى فيه بينهما، والوسائل تحتمل أن يُزاد فيها بحسب ما


(١) طمس في الأصل، لعله ما أثبته.