للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأمر السادس ــ وهو قول الأستاذ: "المتواتر أن جماعة من الصحابة كانوا لا يرفعون، وجماعة منهم كانوا يرفعون" ــ فالشطر الثاني وهو تواتر الرفع حق، وأما الشطر الأول فلا. وهذا إمام النقل أبو عبد الله البخاري يقول كما تقدم: "لم يثبت عن أحد منهم تركُه". وإنما نُقِل التركُ نقلًا فيه قوة ما عن ابن مسعود، وقد مرَّ النظرُ فيه. وروي أيضًا عن عمر وعليّ. فأما عمر، فقد جاء عنه الرفع من روايته ومن فعله (١).

وروى حسن بن عياش، عن عبد الملك بن أبجر، [٢/ ٣٠] عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، عن الأسود قال: "صلَّيتُ مع عمر فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلا في افتتاح الصلاة" (٢). وأُعِلّ هذا بثلاثة أوجه:

الأول: أن حسن بن عياش ليَّنه بعضُهم. قال عثمان الدارمي عن ابن معين: "ثقة، وأخوه أبو بكر ثقة". قال عثمان: "ليسا بذاك، وهما من أهل الصدق والأمانة". واتفقوا على تليين أبي بكر في حفظه حتى قال يحيى القطان: "لو كان أبو بكر بن عياش حاضرًا ما سألته عن شيء". وكان إذا ذُكِر عنده كلَح وجهه. وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: "لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطًا منه".

وقد روى الثوري، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، عن الأسود "أن عمر كان يرفع يديه في الصلاة حذوَ منكبيه" (٣). لم يذكر ما في رواية


(١) أخرجه البيهقي في "الخلافيات" كما في "نصب الراية" (١/ ٤١٥، ٤١٦).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ٢٣٧)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٢٧) و"شرح مشكل الآثار" (١٥/ ٥٠).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٥٣٢) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٥).