للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: الظنُّ بالراوي أنه لو كانت هناك قرينة لبيَّنها.

قلت: والظنُّ به أنه لو لم تكن قرينة لما خالف ظاهر اللفظ. وقد ثبت في "صحيح مسلم" (١) وغيره عن أبي هريرة أنه كان يفتي بوجوب القراءة على المأموم وإن جهر الإمام، ومع ذلك فلعلَّه اتكل على الأدلة المتضافرة في وجوب الفاتحة فرأى أنها تغني عن القرينة.

فإن قيل: الأصل عدم القرينة.

قلت: والأصل عدم التخصيص والنسخ.

هذا، وقد عُلم من القصة أنه لم يقرأ تلك القراءة في تلك الواقعة إلَاّ رجلٌ واحد؛ فما ظنك بالصحابة رضي الله عنهم بعد هذه الواقعة؛ أظنك تجزم بأنه لا يعود لتلك القراءة أحدٌ منهم، فاسمع الآن:

ثبت عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقرؤون ويفتون بالقراءة بعد الإمام في الجهرية بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (٢). منهم: أبو هريرة راوي القصة، وأمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وراوي حديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" عبادة بن الصامت؛ شهد العقبتين وبدرًا والمشاهد، وهو أحد النقباء.

وعن جماعة من الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ القراءة خلف الإمام مطلقًا. منهم: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمّ المؤمنين عائشة، وسيِّد


(١) رقم (٣٩٥) و (٣٩٦).
(٢) سيأتي ذكر مصادر هذه الآثار مجتمعةً بعد صفحتين.