للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنفي إنما هو بحسب ذلك. فكأنهم قالوا: استعانتنا هذه بك، وليست بغيرك. وحَسُنَ

ذلك لأن تلك الاستعانة نفسها طلب للنفع الغيبي، فهي عبادة، فناسب أن تُقصَر، كما قُصِرت العبادة، تقريرًا للتوحيد الذي بنيت عليه السورة.

وثَمَّ مناسبات أخرى لا أطيل بذكرها، فتدبَّرْ. ونسأل الله التوفيق والهداية.

" {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

تقدم عن صاحب الكشاف ــ وتبعوه في توجيه ترك العطف إذ لم يقل: "واهدنا" مع أن الجملتين إنشائيتان متناسبتان، كما لا يخفى ــ أن هذه الجملة استئناف بياني. ومعناه أن تكون الجملة الثانية جواب سؤالٍ من شأن مَن يسمع الأولى أن يسأله. فقال كما مرَّ: "كأنه قال: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا". وفي النفس من هذا، فإنَّ وجه الحسن في الاستئناف البياني على ما ذكروه إنما يتحقق في خطاب الناس. فالأولى أن تكون هذه الجملة بدلًا من الأولى.

وفي "مغني اللبيب": [الجملة السابعة: التابعةُ لجملةٍ لها محلٌّ. ويقع ذلك في بابي النسق والبدل خاصة ... والثاني شرطُه كونُ الثانيةِ أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد نحو {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء: ١٣٢ ــ ١٣٤]، فإنَّ دلالةَ الثانيةِ على نعم الله مفصَّلةٌ بخلاف الأولى، وقوله: