للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا التُزِم فيها الأخذُ بالحلال، واجتنابُ الحرام والشبهات، والقيامُ بمصالح المسلمين،

والاستعانةُ على طاعة الله عزَّ وجلَّ= كانت عبادة. وكذلك المناكحات. وفي الحديث: "وفي بُضْعِ أحدكم أجرٌ" (١).

وعلى هذا القياس. على أنَّ مِن لازمِ الإعانة على العبادة تيسيرَ المعيشة والأمن وغير ذلك، فإنَّ مَن نكِدَ عيشُه انشغل قلبُه عن العبادة، كما هو معروف. وأما الأمور الأخروية فتبعُها للعبادة واضح.

وكأنه غلب على أبي الثناء (٢) ما جرى به العرفُ الحادثُ من اختصاص العبادات بما يذكر في صدور كتب الفقه، وهو الصلاة والزكاة والصيام والحج. وهو وهْمٌ حتمًا، وقد عرفت حقيقة العبادة.

هذا، وكثير من الناس يستشكل ما اقتضته الآية من نفي الاستعانة بغير الله عزَّ وجلَّ، ويقولون: إنَّ مصالح الدنيا وكثيرًا من مصالح الدين إنما تقوم بتعاون الناس، وما من أحدٍ إلا وهو يحتاج إلى أن يستعين غيره من الناس، حتى على العبادة.

وهذا مبني على أن الجملة خبر، والمضارع للاستمرار، أي أن من عادتنا المستمرَّة أن لا نستعين إلا بك؛ أو عن الحال، والاستقبال، أي لا نستعين ولن نستعين إلا بك؛ أو عن المستقبل فقط.

وليس الأمر كذلك. وإنما هي إنشائية لطلب المعونة، والطلب يُوجَد بنفس الجملة، كما لا يخفى على من عرف الفرق بين الخبر والإنشاء.


(١) أخرجه مسلم (١٠٠٦) من حديث أبي ذر. وفيه: "صدقة" مكان "أجر".
(٢) يعني صاحب "روح المعاني".