للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الدين شَرْعُ الله تعالى، فإنما يؤخذ من كتابه وسنة رسوله، مباشرةً إذا تيسَّر ذلك، وإلَّا فبواسطة مُخبِر موثوق به عنهما.

وقد علم الله تبارك وتعالى أن العالِم قد تعزُب عنه بعض دِلالات الكتاب أو السنة، وقد لا تبلغه السنة، مع أسبابٍ أخرى يقع بها العالِم في الخطأ، فتجاوز سبحانه عن العالِم وأثابه على اجتهاده المأمور به، وفَرَض على المخطئ أن يرجع إلى الحق إذا تبيَّن أو بُيِّن له. فكان العلماء من سلف الأمة يجتهدون ويقضون ويفتون بما رأوا أنه الحق، مع علم كلّ منهم وغيره أنه معرَّض للخطأ، إذ قد يغفل عن بعض دلالات القرآن، وقد تخفى عنه السنة، وقد يخطئ في التصحيح والتضعيف والترجيح، وقد وقد ...

ومن ادعى لواحد من الأئمة انتفاء الخطأ والغلط والزلل عنه، فقد ادَّعى له العصمة، وكفى بذلك خروجًا على الإسلام!

ومن كان له ممارسة للسنة وطالع كتب الشافعي رحمه الله عَلِم يقينًا أن كثيرًا من الأحاديث الثابتة لم تبلغه البتة، أو بلغته من وجه لا يثبت، وهي ثابتة عند غيره من أوجه أُخَر. وإن كان قد بلغه وثبت عنده من الأحاديث ما لم يبلغ أستاذَه مالكًا أو لم يعرف ثبوته، كما بلغ كلًّا منهما وثبت عنده أشياء لم تبلغ أبا حنيفة وما لم يعرف ثبوته. وكانوا هم يعرفون هذا يقينًا ولذلك كان كل منهم إذا تبيَّن له خطأ قولٍ من أقواله رجع عنه، ثم لم يعمل ولم يقضِ