أمَّا الأديان التي عَبِثَتْ بها الأهواء فغالب أعيادها اصطلاحيٌّ، والبحث فيه يطول، والذي يهمُّنا هنا البحث عن الأعياد الثابتِ شرعُها عن الله تبارك وتعالى، وإنَّما يتيسَّر لنا ذلك في دين الإسلام.
[نظرية الإسلام في الأعياد]
قد علمت مما تقدَّم أنَّ الأعياد على نوعين: طبيعي واصطلاحي.
فأمَّا ما يتعلَّق بالطبيعي فإنَّ الشريعة الإسلامية لم تنظر إلَّا إلى النِّعَم الحقيقية التي تعمُّ جميعَ المسلمين. والموجود من هذه النِّعَم متكرِّرًا كلَّ عام أمران:
الأول: تمام صيام شهر رمضان، والخروج من مشقَّة الصيام.
الثاني: تمام الحج، والخلاص من مشقة الإحرام.
وصيام شهر رمضان والحج من أركان الإسلام، ومن أعظم النِّعَم على المسلمين أن يتمَّ صيامهم ويتم حجُّهم.
فإن قيل: فإن الحجَّاج إنَّما هم طائفةٌ من المسلمين.
قلت: نعم، ولكن حج البيت كل سنة فرض كفاية على جميع المسلمين؛ فإذا قام به بعضهم فقد تمَّت النِّعْمة على الجميع بسقوط الإثم.
زِدْ على ذلك أنَّ تمكُّن المسلمين من إتمام الحج من مظاهر ظهور الإسلام واجتماع المسلمين؛ وذلك من أعظم النِّعَم عليهم.