بغير طريق الفرض تعصيبًا أو ردًّا على ما يقتضي الدليل.
ثم بيَّن تعالى ما أجملَه بمفهوم قوله:{إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}، فقال:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}. فقوله:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} أي: وبقية القضية بحالها، وهي اجتماع الأبوين كما هو ظاهر، فقد يستشكل قوله مع ذلك:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}.
والجواب يختلف باختلاف المذهب، أو يختلف باختلافه المذهب. وهنا مذهبان:
الأول: مذهب الجمهور أنه إذا لم يكن ولدٌ ولا إخوةٌ، وكان أبوانِ، فللأمّ ثلثُ ما يأخذانِه، فإن لم يكن معهما أحد الزوجين أخذتْ ثلثَ التركة، وإن كان معهما زوجة أخذت الأمُّ ثلثَ الباقي، وهو الربع، وإن كان بدل الزوجة زوج (١) لم يكن للأم إلا السدس.
الثاني: مذهب ابن عباس، وهو أن للأم ثلث التركة في الصور الثلاث.
فلنبدأ بالجواب الموافق لمذهب ابن عباس فنقول ــ على فرض التزامنا مذهبَه ــ: قوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} تأكيد، وحَسُن لأنه لو قيل:"فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث" لقال قائل: هذا إذا لم يكن معها أبٌ، زاعمًا أن هذه الجملة مستقلة عما قبلها، فلا يلزم موافقتها لها في كونها في اجتماع الأبوين. ويؤيد قوله بأن هذه لو كان المعْنِيَّ فيها على اجتماع الأبوين لبيَّن حكم الأب، فلما اقتصر على بيان حكم الأمّ دلَّ أن هذه الجملة إنما هي في حكم الأم عند عدم الأب.