ومنطوق الآية خاص بحكم الأبوين عند اجتماعهما معًا مع الولد، ويؤخذ منها بمفهوم الموافقة أنه إذا انفرد أحدهما مع الولد فله السدس. أما أنه لا ينقص عنه فلأنه إذا لم ينقص عنه مع وجود الآخر فكذلك عند فقده، إذ لا يُعرف في الفرائض ذَوا فرضٍ ينقص أحدهما عن فرضه بسبب فقدان الآخر. وأما أنه لا يزيد عليه فلأن سبب النقص هو الولد، وهو موجود، فينقص أحدهما كما ينقص كلّ واحدٍ منهما.
ويؤخذ منها بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يكن ولدٌ فللأبوين حكم آخر. هذا، ومع وجود الولد والأبوين أو أحدهما قد لا يبقى شيء، كأن يكون الولد ذكرًا. وقد يبقى شيء، كبنتٍ وأبوين، أو وأب فقط. وفي هذه الحال قد يكون ذو فرضٍ كأحد الزوجين، فيأخذ فرضه، فإن لم يكن، أو كان وبقي بعد فرضه شيء ــ كبنتٍ وأبوين فقط يبقى السدس، أو مع زوجة يبقى ربع السدس ــ فالجمهور أن ما بقي فللأب، يأخذه بحق العصوبة، لحديث الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس مرفوعًا:"ألحِقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولَى رجلٍ ذكر". وحُكي عن الإمامية أن الباقي يُردّ على الورثة ــ أي دون الزوجة فيما يظهر ــ على حسب سهامهم. وهو خلاف ما دلَّت عليه السُّنَّة ومضى عليه الجمهور.
فإن قيل: فإن القرآن وكَّد أن للأب مع الولد السدس، ومفهوم ذلك أنه ليس له غيره.
قلت: وكذلك يقال في الرد في صورة أبوين وبنت: قد نصَّ القرآن أن للبنت النصف، وللأبوين السدسان، فمفهوم ذلك أن لا يُزاد أحد منهم. والحق أن نصَّ القرآن إنما هو في الفرض المحتوم، فلا ينافي أن يؤخذ غيره