للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيَانَ} [الرحمن: ١ - ٤]. قال بعض المفسرين من السلف: البيان الكلام. وظاهرٌ أن المراد الكلام المبين، فليس كل كلام بيانًا.

ولا يخفى أن إفادة المعلومات بالكلام واستفادتها منه إنما تحصل إذا كان الكلام المنطوق به أو المكتوب مبيِّنًا للمعنى المراد إفهامُه، وكان ذاك المعنى واقعًا ينفع علمهُ الذي (١) يسمع [ص ٣٤] أو يقرأ، عارفًا بالكلام المبين. والكلام المُفهِم معنًى غيرَ واقعٍ لا يدخل في «البيان» الذي امتنَّ الله تعالى به، لأن الامتنان به إنما هو من جهة أنه يُتوصَّل به إلى تحصيل العلوم النافعة، والمُبِين لما ليس بواقع إنما يحصل به جهلٌ لا علمٌ، ومن شأنه أن يضرَّ وتترتَّبَ عليه المفاسد.

وههنا مطالب:

[المطلب الأول في تعريف الصدق والكذب]

جمهور أهل العلم على أن الخبر إن طابقَ الواقع فصِدْق، وإلَّا فكذب، وهذا قول أهل السنة كما في «المصباح» (٢). وأدلَّته كثيرة، لكن غلب في العرف أن لا يقال لمن كذبَ خطأً: «كذبَ فلان»، بل يقال: «أخطأ فلان» أو «غَلِط فلان»، إلَّا أن تُقصَد نسبتُه [ص ٣٥] إلى التقصير زجرًا له عن مثل ذلك، أو يُقصَد تأكيد الحكم ببطلان الخبر، أو يُقصَد إظهار التشنيع على المخبر كفًّا للناس عن اتباعه. وعلى هذه الثلاثة تدور الأمثلة التي ذكرها ابن عبد البر في كتاب «العلم» من إطلاق الكذب على الخطأ.


(١) لعل «العلم» فاعل، و «الذي» مفعول به، و «عارفًا» حال من الذي.
(٢) «المصباح المنير» (كذب).