للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخاص به، وقد ثبت الحديث بتحليف المدعي، فإن حلف صارت البينة في معنى التامة، وإن أبى صار في معنى من لا شاهدَ له أصلا. والله الموفق.

وأما الانقطاع الثاني (١) وهو بين قيس وعمرو، فلا وجه له، ولم يقله من يُعتَدُّ به. وقد تقدم أن البخاري كأنه استبعد صحة الحديث، ثم لم يكن عنده إلا أنه حدس أن عمرًا لم يسمعه [٢/ ١٥٣] من ابن عباس، وقد تقدم الكلام معه في ذلك. وهو الذي يشدِّد في اشتراط العلم باللقاء، فلو كان هناك مجال للشك في سماع قيس من عمرو لما تركه البخاري والتجأ إلى ذاك الحدس الضعيف الذي لا يُجدِي. وقيس وُلِدَ بعد عمرو، ومات قبله. وكان معه بمكة، وسمع كلٌّ منهما من عطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم. وكان عمرو لا يدع الخروج إلى المسجد الحرام والقعود فيه إلى أن مات، كما تراه في ترجمته من «طبقات ابن سعد» (٢). وكان قيس قد خلف عطاء في مجلسه كما ذكره ابن سعد أيضًا (٣). وسمع عمرو من ابن عباس وجابر وابن عمر وغيرهم، ولم يدركهم قيس. فهل يُظَن بقيس أنه لم يلقَ عمرًا، وهو معه بمكة منذ ولد قيس إلى أن مات؟ أو لم يكونا يصلّيان معًا في المسجد الحرام الجمعة والجماعة؟ أو لم يكونا يجتمعان في حلقة عطاء وغيره في المسجد؟ ثم كان لكل منهما حلقة في المسجد قد لا تبعد إحدى الحلقتين عن الأخرى إلا بضعة أذرع. أوَ يُظنُّ بقيس أنه استنكف عن (٤)


(١) تقدَّم الانقطاع الأول (ص ٢٣٩).
(٢) (٥/ ٤٧٩).
(٣) المصدر السابق (٥/ ٤٨٣).
(٤) (ط): «من». والمثبت من (خ).