للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقول: لا ريب أنه لا يمكن تركيب جملة واحدة مفيدة سالمة عن المجاز، فثبت بذلك أنَّ جميع نصوص الكتاب والسنة مجاز، ووجوه المجاز

كثيرة، فقد يمكن احتمال عدة مجازات في الكلمة الواحدة، بعضها ينقض بعضًا. غاية الأمر أن مجازًا أقرب من مجاز، وهذا رجحان ظني، إنما يكفي فيما يكفي فيه الظن من فروع الأحكام. فأما ما يطلب فيه القطع ــ وهو العقائد ــ فلا، فدعوا نصوصكم، وهلموا إلى العقل.

فأجاب أهل السنة بقولهم: "الاسم عين المسمى" أي أن دلالته الحقيقية التي لا يجوز العدول عنها إلا بقرينة واضحة، هي دلالته على عين المسمى، أي والمعاني التي تحمل عليها النصوص هي حقائقها، وما يزعمه المبتدعة من قرينة العقل باطلة كما هو مبين في موضعه.

ثم كأن المبتدعة رأوا أنَّ دعواهم تلك واضحة البطلان، فحولوا العبارة إلى معنى آخر، وهو قولهم: إن المراد بالاسم هو الصفة التي يدل عليها بعض الأسماء كالعليم والقدير، فقالوا: مرادنا أن العلم والقدرة ونحوهما مما تثبتونه لربكم عز وجل هي غيره سبحانه، وأنتم تقولون: إنها قديمة، فقد أثبتم عدة قدماء غير الله تعالى. فأجابهم أهل السنة بالتفصيل المعروف.

هذا، والقول بأن الألفاظ إنما تدل حقيقة على أنفسها مختلٌّ كما مر، وقد ظهر من كلام ابن عبد السلام القول به، فلا بأس بأن نبين الحجة على بطلانه، فأقول:

قد تقرر أن الحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وُضِعت له، والمجاز بخلافها، وقد وجدنا الألفاظ تستعمل للدلالة على معانيها، كقوله تعالى {يا يَحْيَى} وللدلالة على أنفسها، كقوله سبحانه {اسْمُهُ يَحْيَى}. فحاصل القول