للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بثلاث، بل ولا تِسْعٍ.

وقد يتوهَّم أن يكون وقع في هذه الرواية: «أكلات» بفتحتين، ولا يصحُّ؛ لمخالفته السِّياق، ولأنَّ المعروف في ذلك العهد الاكتفاء بأكلتين في اليوم، الغداء والعشاء.

و «أكلات» جمعٌ بالألف والتاء، وأهل العربيَّة يعدُّونه من الجموع التي حقُّها أن تُطْلَق على ما دون الأحد عشر، ولا تحمل على أحد عشر فما فوقه إلَّا بقرينةٍ (١).

لكن ضعَّف ابن خروفٍ، وصوَّبه الرَّضِي ومن تَبِعَه، أنَّ هذا الجمع مخالفٌ لتلك الجموع، وأنَّه يطلق على ثلاثة فما فوقها، إلى ما لا نهاية (٢).

إلَّا أنَّ السِّياق هنا يدلُّ على القِلَّة، وهي هنا مبيَّنةٌ بقوله: «يُقِمْن صُلْبَه»، فالمدار إذًا على إقامة الصُّلْب، وهي كناية عن ذهاب الجوع، وحفظ القوَّة.

فالقَدْر الذي يُذهِب الجوع ويحفظ القوَّة هو القَدْر الذي ينبغي الاكتفاء به. ثمَّ زاده بيانًا بقوله: «فإن كان لا محالة .. ».

وإيضاحه: أنَّ الإنسان الصَّحيح قد يأكل ويشرب ويحسُّ بالثقل والضِّيق، وقد يأكل ويشرب ثم لا يجد ثقلًا ولا ضيقًا، فثُلُث الطَّعام هو القَدْر إذا زاد عليه وقع في الحال الأُولى.

وذلك لا ينضبط تحديدًا، ولكن يمكن للإنسان معرفته بأحد أمرين:

الأوَّل: أن لا يستوفي شهوته من الطَّعام، كما قيل: أن تقعد على الطَّعام


(١) «شرح المفصَّل للزمخشري» لابن يعيش (٣/ ٢٢٥).
(٢) «شرح الرَّضِي على الكافية» (٣/ ٣٩٧ - ٣٩٨).