للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرافة كما بينته في «الطليعة» (١) وغيرها. والثالثة يُعْلَم حالها من حال ابن أبي العوام (٢) وسنده. والرابعة يراجع ما قد يفيدها في «مناقب أبي حنيفة» للموفق (ج ٢ ص ٣٣) ــ ليعرف ما في تلك الأسانيد المظلمة. وليت الأستاذ جاء بخبرٍ واحد قوي يمكنه أن يَثْبت قليلًا أمام الأخبار التي يضج منها الأستاذ!

[١/ ٣٨٤] وقال الأستاذ (ص ١٠٥): «وكان مالك صاحب القِدْح المعلَّى في الرأي .... وما ردَّه من الأحاديث التي رواها هو بأصح الأسانيد عنده في «الموطأ» ولم يعمل هو به يزيد على سبعين حديثًا ... عن الليث بن سعد قال: أحصيتُ على مالك بن أنس سبعين مسألة كلُّها مخالفة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - مما قال فيها مالك برأيه ... وما دوَّنه أبو العباس محمد بن إسحاق السراج الثقفي من مسائله البالغة سبعين ألفًا كما في «طبقات الحفاظ» للذهبي (ج ٢ ص ٢٦٩) صريح في أنه كان من أهل الرأي ...... ».

أقول: أما الأحاديث فقد توقف مالك عن الأخذ ببعضها، وليس ما توقف عنه وقد رواه بأصح الأسانيد عنده في «الموطأ» بكثير كما زعم الأستاذ بدون أن يذكر مستندًا. ومع ذلك فلم يردَّ مالك حديثًا واحدًا بمحض الرأي، ولا ذُكِر له حديثٌ فقال: هذا سجع، أو هذا رجز، أو حُكَّ هذا بذنب خنزير، أو نحو ذلك من الكلمات المروية عن غيره. بل اشتهر عنه قوله: «ما من أحد إلا ويؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب هذا القبر» يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقوله: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في


(١) (ص ٧٣ - ٧٤).
(٢) انظر «الطليعة» (ص ١٨ - ١٩).