للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة التبرك بالصالحين]

[ص ٩] وهل للمسلمين أن يتبرّكوا بصلحائهم كما يتبرّك الصحابة رضي الله عنهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستندين إلى تلك الأحاديث ونحوها أو لا؟

يقول المجيزون: نعم؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم بُعِث مشرّعًا، والأصل في فعله التشريع، أي أن حكم غيره من الأمة مثل حكمه، والخصوصية خلاف الأصل، فلا يُصار إليها إلا بدليل.

قالوا: ويُقاس على التبرّك بآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم التبرُّك بذريته من حيثُ كونُهم ذريةً له. وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم هذا حيث استسقوا بالعبّاس رضي الله عنه لفضله ولقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال عمر رضي الله عنه: «وإنّا نتوسَّل إليك بعمّ نبيّك» (١). واستسقوا زمان معاوية بيزيد بن الأسود الجرشي لفضله. وقال معاوية: «اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا» (٢).

ويقول المانعون: أما ما لم يرد فيه دليل صحيح فالأمر فيه واضح، وأما ما ورد فيه دليل صحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَعَلَه أو أقرَّ عليه في باب التبرّك به، فهو خاصّ به، وليس هذا من باب التشريع؛ لأن التشريع إنما هو في الأحكام التي المدار فيها التكليف، لأنه لما كان النبي صلى الله


(١) أخرجه البخاري (١٠١٠، ٣٧١٠).
(٢) أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ»: (٢/ ٢٢٠) وأبو زرعة الدمشقي في «تاريخه»: (١/ ٦٠٢).