للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعنا من هذا. هذا رجز. هذا سجع. هذيان. حُكَّ هذا بذنَبِ خنزير». وما عزي إليه من قوله: «لو أدركني النبي (وفي رواية: رسول الله) - صلى الله عليه وسلم - لأخذ بكثير من قولي». زاد في رواية: «وهل الدين إلا الرأي الحسن؟». وقد ذكرها الأستاذ ص ٧٥ و ٨٥. وهذه الكلمة قد يكون أُريد بها: إن كثيرًا مما أقوله باجتهادي موافق للحق، فلو كنتُ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلم صحة كثير من قولي، وصوَّبه، وحكم بما يوافقه، كما يُروى من موافقات عمر أنه قد كان يرى الرأي أو يقول القول فينزل القرآن بموافقته.

فأما قوله: «وهل الدين إلا الرأي الحسن»، فالرأي الحسن حقًّا هو المطابق للحكمة الحقة حقَّ المطابقة، وكذلك الدين مطابق للحكمة الحقَّة حقَّ المطابقة. فالرأي الحسن حقًّا لا يخالف الدين، ولا يخالفه الدين.

وقد زعم بعضهم أن أبا حنيفة إنما قال: «لو أدركني البَتِّي ... » فصحَّف بعضهم فقال: «النبي»، ثم رواها بعضهم بالمعنى فقال: «رسول الله». وجرى الأستاذ على هذا، ولا بأس بالنظر فيه.

قال الأستاذ: «وأما [١/ ٣٥٢] أصل الحكاية ... » فذكر طرفًا مما في «مناقب أبي حنيفة» للموفق المكي (ج ٢ ص ١٠١ - ١٠٩). والرواية هناك من طريق عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي قال: «حدثني أبو طالب سعيد بن محمد البرذعي في مسجد أبي الحسن الكوفي ببغداد، حدَّثني أبو جعفر ... الطحاوي، أبَنا بكّار بن قتيبة، أبنا هلال بن يحيى الرأي البصري، سمعت يوسف بن خالد السَّمْتي قال: اختلفتُ إلى عثمان البَتِّي فقيه أهل البصرة ــ وكان يذهب مذهب الحسن وابن سيرين ومذهب