للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصريين ــ فأخذتُ من مذاهبهم وناظرت عليها ثم استأذنته في الخروج إلى الكوفة ... فأذن لي. فلما قدمتُ الكوفة ... فإذا أنا بكهل قد أقبل ... وخلفه غلام أشبه الناس به ... فتوسَّمت أنه أبو حنيفة ... فقال: كنتَ من المختلفة إلى البتِّي؟ قلت: نعم. قال: لو أدركني البتي لترك كثيرًا من قوله ... » إلى أن قال يوسف: «كنت أختلف إلى أبي حنيفة، فكنت أمرُّ بنادي قوم، فمن كثرة مروري بهم صاروا لي أصدقاء. ثم انقرضوا، فصار أولادهم لي أصدقاء. ثم استأذنت بالخروج إلى البصرة ... ». وفي القصة عجائب.

وقد ذكر الأستاذ البتِّيَّ والسمتيَّ في (ص ١١٣) قال: «عثمان بن مسلم البتِّي هو فقيه البصرة توفي سنة ١٤٣ كما سبق. وكانت تجري بينه وبين أبي حنيفة مراسلات ... وكان يوسف بن خالد السَّمْتي بعد أن تفقه على أبي حنيفة رجع إلى البصرة وأخذ يُجابه البتِّيَّ وأصحابَه ... حتى ثاروا ضده ... ولكن لما حلَّ زُفَر بالبصرة جرى على الحكمة في مناظرتهم ... ».

يشير الأستاذ إلى ما في كتاب ابن أبي العوام عن الطحاوي بسنده كما في «لسان الميزان» (ج ٢ ص ٤٧٧) (١): «قدم زُفَر بن الهُذيل البصرة فكان يأتي حلقه عثمان البتِّي ... فلم يلبث أن تحولت الحلقة إليه، وبقي عثمان البتي وحده».

فقد اتَّضح أن البتيَّ أدرك أبا حنيفة. ويقول الأستاذ: إنه كانت تجري بينهما مراسلات، وصرحت القصةُ نفسُها أن البتيَّ كان حيًّا يرزق حين لقي يوسفُ السمتيُّ أبا حنيفة، وقال له أبو حنيفة كما تزعم القصة: «لو أدركني


(١) (٣/ ٥٠٣).