فأقول مستعينًا بالله عز وجل: قد أشار إلى الجواب عن هذا حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فإنه قال:"لا ترْمِ أحدًا ... ". فبيَّن أن التقدير:"لا تقفُ أحدًا".
ولكن "أحدًا" حُذِف، وحَذْف المفعول إذا كان عامًّا شائع ذائع في القرآن وغيره.
وأشار بقوله مرةً:"لا تقل" إلى أن {تَقْفُ} ضُمِّن معنى "تقل"، وإذا ضُمِّن الفعل معنى فعل آخر كانت التعدية وعدمها تابعة لذلك الفعل الآخر.
وقد ذكر ابن هشام قاعدة التضمين في أواخر "المغني"(١)، وذكر من أمثلتها قول الله تبارك وتعالى:{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٥]، وزعم أن {تَعْزِمُوا} ضُمِّن معنى تنووا، وإلا لعُدِّي بـ "على".
أقول: والأولى أن يُضمَّن معنى تعقدوا. وبذلك يُستغنى عما قيل: إن التقدير "ولا تعزموا على عقدِ عقدة النكاح" فحذف الجار والمضاف.
وذكروا أن التضمين يقدر بأن يصاغ من الفعل المطوي حالًا، وعليه فالتقدير هنا:"ولا تقفُ قائلًا ما ليس لك به علم". وقد قال الله عز وجل في قصة الإفك:{وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ}[النور: ١٥].
[فصل]
إذا لم تطمئن نفسك بأن معنى الآية إنما هو النهي عن عَضْه الناس وبَهْتهم، وترجح عندك معنى آخر يصلح لأن يستدل به المنكرون، فدونك أجوبة عن ذلك: