للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثمرة كون القيام كله ركنًا وإن طال، وأنَّ ما قُرئ من القرآن بعد الفاتحة حكمه حكم الركن ــ على ما تقدَّم ــ هي زيادة الثواب؛ فإنَّ ثواب الفرض أعظم من ثواب النفل، والله أعلم.

واعلم أنَّ ما فهمه الشارح وبعض من تقدَّمه من أنَّ زيادة "فصاعدًا" في حديث الفاتحة يقتضي وجوب الزيادة على الفاتحة= فَهْمٌ تأباه اللغة.

قال إمامها أبو عمرو سيبويه في "كتابه" (١): "هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره في غير الأمر والنهي؛ وذلك قولك: أخذته بدرهمٍ فصاعدًا، أو أخذته بدرهمٍ فزائدًا، حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إياه، ولأنهم أمنوا أن يكون على الباء. لأنك لو قلت: "أخذته بدرهم فصاعدٍ" كان قبيحًا؛ لأنه صفة، ولا يكون في موضع الاسم؛ كأنه قال: أخذته بدرهمٍ، فزاد الثمن صاعدًا، أو فذهب الثمن صاعدًا. ولا يجوز أن تقول: "وصاعدٍ"؛ لأنك لا تريد أن تخبر أنَّ الدرهم مع صاعدٍ ثمنٌ لشيء؛ كقولك: بدرهمٍ وزيادة. ولكنك أخبرت بأدنى الثمن؛ فجعلته أولًا، ثم قرَّرت شيئًا بعد شيءٍ لأثمان شتى ... ".

أقول: إيضاح عبارته: أنَّ قوله: "أخذته بدرهمٍ فصاعدًا" يقال على ما ذكر الرضي (٢) في "ذي أجزاء أخذ بعضها بدرهمٍ، والبواقي بأكثر". فكأنَّ تقديره: أخذت هذا الزيت رطلًا بدرهمٍ فصاعدًا؛ تريد أنَّ بعض الأرطال بحساب الرطل بدرهمٍ فقط، وبعضها بحساب الرطل بدرهمٍ وزيادة.


(١) (١/ ١٤٦، ١٤٧) طبعة بولاق. وسيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان، لا أبو عمرو.
(٢) "شرح الرضي على الكافية" (١/ ٦٨٣) ط. جامعة الإمام.