للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يقتصر على فاتحة الكتاب فلا صلاة له. ولكن في هذا ضعف.

والأولى أن يقال: الفائدة الإشارة إلى أنَّ الزيادة على الفاتحة مرغَّب فيها؛ كما تقول لعُمَّالك: "لا أجرة لمن لم يعمل إلى العصر فصاعدًا". تنبِّههم بقولك (فصاعدًا) على أنَّ الزيادة في العمل بعد العصر مرغوبٌ لك، وإن لم يكن شرطًا لاستحقاق الأجرة.

ولو فرضنا صحة ما ذكره المفتي فذلك لا يفيده؛ لأننا نقول: إنَّ الخمس من الإبل نصابٌ، والست نصابٌ، وهكذا السبع والثمان والتسع؛ والواجب في كل ذلك شاةٌ فقط. من كان له خمسٌ وجبت عليه الشاة، ومن كان عنده تسع وجبت عليه الشاة، وهكذا ما بينهما، ومن كانت عنده تسع فالشاة عنها جميعًا، لا عن خمس منها فقط.

فأنت ترى أنَّ كون التسع نصابًا تجب فيه الشاة لا يستلزم أن تكون الخمس ليست [ص ٣١] بنصاب تجب فيه الشاة.

فهكذا نقول: إنَّ ربع دينار نصاب يجب في سرقته القطع، وإنَّ ثلث دينار ــ مثلًا ــ نصاب، يجب بسرقته القطع.

وهكذا نقول: إنَّ قراءة الفاتحة ركن تتم به الصلاة، وإنَّ قراءة الفاتحة وسورة البقرة ــ مثلًا ــ ركن تتم به الصلاة.

والسرُّ في هذا أننا نقول: القراءة مثل القيام؛ فكما أنه إذا قام مقدار دقيقة كان قيامه ركنًا، وإذا قام مقدار ساعةٍ كان قيامه ركنًا؛ فكذا القراءة. وكأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - ــ إن كان تكلَّم بهذه الكلمة ــ زادها دفعًا لما يُتوهَّم من تعيين الفاتحة أنها هي الركن، حتى لو زاد عليها شيئًا من القرآن لا يكون حكمه حكم الركن.