للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا معنى ما يقوله النحاة وغيرهم أن "أل" للاستغراق وأنها هي التي يصلح محلَّها "كُلّ"، كما في قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، أي خُلِق كلُّ إنسان. ولذلك يصح الاستثناء من مدخولها (١)، كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: ٢ ــ ٣].

فالمعنى إذن: كلُّ حمدٍ. وقد روي عن ... (٢).

والحمد: مصدر حمِد يحمَد. ويأتي في اللغة نفسيًّا وقوليًّا. أمَّا النفسي، فكقولك لمن أهدى إليك عسلًا: طعمتُ من عسلك، فحمدتُه؛ ولمن أعطاك دواءً: استعملتُ دواءك، فحمدتُه. وتقول: جالستُ فلانًا، فحمدته. وقال الراجز (٣):

عند الصباح يحمد القومُ السُّرَى

وأهل اللغة يفسرون هذا بالرضا والموافقة ونحو ذلك، وذلك تقريب. ولم أظفر بكلمة تؤدي معناه، ولكني أقول: إن معنى "حمدتُ العسل": رضيتْه نفسي، واستلذَّتْه، واستطابته، واستجادته.

ثم في كل شيء بحسبه، إلا أنَّ هنا فرقًا لطيفًا، وهو أنّ الظاهر أن المزكوم إذا شَمَّ الوردَ الجيَّد فضَرَّه، والمريضَ إذا ذاق الطعامَ الجيِّدَ


(١) في الأصل: "مدخولهم"، سهو.
(٢) في الأصل بياض بقدر ثلاثة أسطر تقريبًا.
(٣) قال المفضل: إن أول من قال ذلك خالد بن الوليد. وذكر الخبر. انظر: "مجمع الأمثال" (٢/ ٣١٨) وذكر أبو عبيد أن المثل للأغلب العجلي. وقيل: للجليح الثعلبي. انظر: "فصل المقال" (٢٥٤، ٣٣٤). و"ديوان الشماخ" (٣٨٤).