«قال الحاكم: سمعت محمد بن عبد الله الفقيه: سألت أبا عمر غلام ثعلب عن حروف أُخذت على الشافعي مثل قوله: ماء مالح، وقوله: انبغى أن يكون كذا وكذا. فقال لي: كلام الشافعي صحيح، وقد سمعت أبا العباس ثعلبًا يقول: يأخذون على الشافعي، وهو من بيت اللغة يجب أن يؤخذ عنه». وقال:«قال الآبُري: أخبرنا أبو نعيم الإستراباذي، سمعت الربيع بن سليمان يقول مرارًا: لو رأيتَ الشافعي وحسنَ بيانِه وفصاحتَه لعجبتَ منه. ولو أنه ألَّف هذه الكتب على عربيته التي كان يتكلَّم بها معنا في المناظرة لم يُقْدَر على قراءة كتبه، لفصاحته وغرائب ألفاظه، غير أنه كان في تأليفه يجتهد أن يوضِّح للعوام».
[فصل]
وكما حاول الكوثري الطعنَ في نسب الشافعي وفي فصاحته، حاول القدح في ثقته، فقال:(ص ١٦٥): «ومن الغريب أنه إذا روى ألفُ راوٍ عن ابن معين أن الشافعي ليس بثقة مثلًا، تُعَدُّ هذه الرواية عنه كاذبة، بخلاف ما إذا كانت الرواية عنه في أبي حنيفة أو أحد أصحابه»!
[١/ ٤١٤] أقول: لا نطالب الكوثري بألف ولا بمائة ولا بعشرة، وإنما نطالبه بواحد سالم، ولن يجد إلى ذلك سبيلًا. إنما حكى هذه الكلمة عن ابن معين محمدُ بن وضَّاح الأندلسي، وابن وضاح قال فيه الحافظ أبو الوليد ابن الفرضي الأندلسي ــ وهو بلديُّه وموافق له في المذهب ــ:«له خطأ كثير يُحفظ عنه، وأشياء كان يغلط فيها، وكان لا علم عنده بالفقه، ولا بالعربية». وكان الأمير عبد الله بن الناصر ينكر عليه هذه الحكاية، ويذكر أنه رأى أصل ابن وضّاح الذي كتبه بالشرق وفيه: سألت يحيى بن معين عن الشافعي