فقال: هو ثقة، كما حكاه ابن عبد البر في «كتاب العلم»(١). ولم ينقل أحد غيره عن ابن معين أنه قال في الشافعي:«ليس بثقة» أو ما يؤدي معناها أو ما يقرب منها. ولابن معين أصحاب كثيرون أعرف به وألزم له وأحرص على النقل عنه من هذا المغربي، وكان في بغداد كثيرون يسرُّهم أن يسمعوا طعنًا في الشافعي، فيُشيعوه.
فأما قول ابن عبد البر:«قد صح عن ابن معين من طرق أنه كان يتكلم في الشافعي على ما قدمتُ لك، حتى نهاه أحمد بن حنبل، وقال له: لم تر عيناك مثل الشافعي»، فالذي قدَّمه هو قوله:«ومما نُقم على ابن معين وعِيب به أيضًا: قولُه في الشافعي: إنه ليس بثقةٍ. وقيل لأحمد بن حنبل: إن يحيى بن معين يتكلم في الشافعي، فقال أحمد: من أين يعرف يحيى الشافعيَّ؟ هو لا يعرف الشافعي ولا يعرف ما يقول الشافعي ــ أو نحو هذا، ومن جهل شيئًا عاداه! قال أبو عمر: صدق أحمد بن حنبل رحمه الله أن ابن معين كان لا يعرف ما يقول الشافعي. وقد حُكي عن ابن معين أنه سئل عن مسألة من التيمم فلم يعرفها. ولقد أحسن أكثم بن صيفي في قوله: ويل لعالمِ أمرٍ من جاهله، من جهل شيئًا عاداه، ومن أحبَّ شيئًا استعبده». والتكلم في الرجل قد يكون بما ليس بجرح، فلا يصلح قولهم:«كان يتكلم فيه» متابعةً لكلمة: «ليس بثقة».
وقدَّم ابن عبد البر أيضًا أن ابن معين سئل عن الشافعي فقال: ما أحبُّ حديثه ولا ذِكرَه. وهذا تكلُّم، ولا يعطي معنى:«ليس بثقة»، ولا ما يقرب