صاحبه ينفر عنه، ويشفق منه، ويستعيذ بالله عز وجل= فإنه لا يضُرُّ، بل ولا يضرُّه عروضُ الشبهة إذا [٢/ ٣٧١] كان عند عروضها يتألم ويتأذى وتشقُّ عليه، ويبادر إلى طردها عن نفسه مستعيذًا بالله عز وجل. وإنما يضرُّه أن يأنس بها، وتستقرَّ في نفسه، وتَبِيض، وتُفرخ، حتى يصدق عليه اسم «مرتاب». هذا هو الذي تدل عليه النصوص، والذي لا يسع الناسَ غيرُه، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
ومعيارُ الإيمان القلبي: العمل. ولهذا كان السلف يقولون:«الإيمان قول وعمل»، ولا يذكرون الاعتقاد؛ وكانت المرجئة تقول:«الإيمان قول». ثم منهم من يوافق أهل السنة على اشتراط الاعتقاد، ومنهم من لا يشترطه في اسم الإيمان، ولكن يشترطه للنجاة، وهذا قول الكرَّامية. ومنهم من لا يشترطه في اسم الإيمان، ولا في النجاة، وهؤلاء هم الغلاة.
وقال الله عز وجل:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: ١٤ - ١٥].