للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ابن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء، ثم رأيناه قبل موته وهو يبول مستقبل القبلة".

وحديث ثالث: اتفق البخاري وأبو حاتم وغيرهما على تعليله. انظره في ترجمة خالد بن أبي الصلت من التهذيب (١).

فمن الناس من أخذ بهذين الحديثين، وقال: إنهما ناسخان للنهي، فإن الأول أباح الاستدبار، والثاني أباح الاستقبال.

وفرق جماعة ــ كمالك والشافعي وغيرهما ــ بين البناء والفضاء، فحملوا النهي على الفضاء، والفعل في الحديثين على البناء.

ومن هؤلاء من زاد فقال: فالإباحة في الفضاء إذا كان بينه وبين القبلة ساتر، ويستدل لهذا بما رواه الحاكم في "المستدرك" (٢) وغيره من طريق الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهي عن هذا؟ قال: إنما نُهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس به".

قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسن بن ذكوان.

وللشافعية كلام طويل في تقرير المسألة وتفصيله، يقيسون فيه على


(١) (٣/ ٩٧). والحديث أخرجه ابن ماجه (٣٢٤) عن عائشة.
(٢) (١/ ١٥٤).