دلت الآية بمنطوقها على وجوب التبيُّن في خبر الفاسق، فعُلِم من ذلك أنه لا يكفي للحجة، وبمفهومها على أن خبر من ليس بفاسق على خلاف ذلك، فعُلِم منه أنه يكفي للحجة.
وظاهر الآية أن المدار على الفسق في نفس الأمر، وعليه فلا يتبين لنا الحكم إلا فيمن أخبر وهو متلبس بمفسِّقٍ نعلمه، فأما غيره فلا نعلم حاله؛ لأننا إن كنا قد صحبناه طول عمره ولم نر منه إلا الخير والصلاح فإننا لا ندري لعله ــ إذا لم يكن معصومًا ــ يرتكب في السرِّ ما يفسُق به، بل لعله فاسق بنفس ذلك الخبر على احتمال كذبه وتساهله. ومن علمناه قد ارتكب عدة مفسِّقاتٍ ولكنه حالَ الإخبار غيرُ متلبس بشيء منها، لعله قد تاب منها.
والحاصل أنه لو كان المراد الفسق في نفس الأمر على التحقيق لكان الحكم منوطًا في هذا الثاني بما لا يمكننا علمه، وهذا منافٍ للحكمة، غير معهود في الشريعة، بل المعهود في الشريعة في الأخبار ــ كخبر المؤذن وغيره، وفي الشهادات، وفي سائر الأحكام ــ أن المدار على الظاهر، فوجب