للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشهورين بالعلم والولاية= هو من نفس الدين، بل من صلبه! بل عند جماعة منهم هو الدين! وتمييزُ هذا بمجرد العقل والاستحسان، أو بالنظر في كتب المتأخرين، أو بسؤال أكثرهم= لا مطمع فيه. وإنما يتميَّز ذلك بالرجوع إلى صراط المنعَم عليهم. وكذلك مناظرةُ أصحاب البدع لا تكاد تغني شيئًا إلا بالرجوع إلى هذا الأصل.

وبما ذكرته من التنبيه والهداية يندفع إشكالٌ (١) ليس بالهيِّن. وهو أن يقال: إن المتبادر إلى الفهم أنَّ مثل هذا التركيب إنما يُقصَد به بيانُ الصراط المستقيم وتمييزُه حتى يتبيَّن للمخاطب ولا يشتبه عليه. وهذا محال هنا (٢)، لأن الله تبارك وتعالى عالم الغيب والشهادة، فإذا دعاه العبد بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فهو سبحانه أعلم به. فما الحاجة إلى البيان والتمييز؟

وقد علمتَ بحمد الله أنَّ الأمر هنا بالعكس، وإنَّما هذا في المعنى بيان من الله عزَّ وجلَّ، أراد أن يُبيِّن للتالي ويُميِّز له ما هو الصراط المستقيم، فتدبَّرْ.

وقد ذكروا في إعراب "صراطَ" أنه بدل من "الصراطَ" قالوا، والعبارة للبيضاوي (٣): "وهو في حكم تكرير العامل من حيث إنه المقصود بالنسبة. وفائدته: التوكيد والتنصيص على أنَّ طريقَ المسلمين هو المشهودُ عليه


(١) وقفت بأخرة في مكتبة الحرم المكي الشريف على دفتر صغير ضمن أوراق متفرقة للمؤلف رحمه الله، تكلم فيه (ص ٥ - ٨) على هذا الإشكال، وأجاب بنحو جوابه هذا.
(٢) في الأصل: "هذا" سبق القلم.
(٣) في "تفسيره" (١/ ٧٣).