للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحقيق الحق في هذا البحث]

هذا ما يمكن أن يقوله المتشدِّد، ولكن الذي ينبغي التعويل عليه، وأن يدان الله تعالى به:

أن أثر "خارجة" لا دلالة له على شيءٍ، لما مرّ.

وأن مرسل الشافعي، لا مانع من صِحّته، ولكن محله إذا كان التراب الذي أعيد في الحفرة لم يكفِ لارتفاعها قليلًا عن وجه الأرض، أو كفى للارتفاع ولكن خُشي أن يلتبس القبرُ بغيره، وأُرِيد أن يُمَيَّز لقصدٍ صحيح جائز شرعًا.

وكذا حديث وضع الحجر على القبر سواء بسواء.

[ص ٥١] وحديث ابن أبي شيبة، لا مانع من صِحّته، ولكن التسنيم الواقع على القبور، هو الناشئ عن إعادة تراب الحفرة إليها فقط.

وأما دعوى الإجماع؛ فإنها وإن كان فيها ما فيها، فهي غير معارضة لما قلناه؛ لأن الفقهاء نصوا على جواز رفع القبر قليلًا، ونصوا على حظر الزيادة عليه من غير تراب حفرته (١)، وهذا هو الذي نقوله: أنه يعاد إليه تراب حفرته.

فإن حصل ارتفاع قليلٌ فذاك، وإلا جُعلت عليه علامة ليُعْرف أنه قبر، فإن حصل الارتفاع، وخشي الالتباس بغيره، وأُرِيد التمييز لمقصد شرعي صحيح، فلا بأس بوضع علامة عليه. وبهذا يحصل تمييز القبور الذي


(١) انظر "بدائع الصنائع": (١/ ٣٢٠) للكاساني، و"المغني": (٣/ ٤٣٥) لابن قدامة.