للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الجوهري (١): كانت العرب تُسمِّي يوم الاثنين "أهون" في أسمائهم القديمة. وهذا يُشعِر بأنّهم أحدثوا لها أسماء، وهي هذه المتعارفة الآن؛ كالسبت والأحد إلى آخرها.

وقيل: إنّ أوّل من سمّى الجمعة "العَروبة" كعب بن لُؤي، وبهذا جزم الفرّاء وغيره. فيحتاج من قال إنّهم غيَّروها إلَّا (٢) الجمعة، فأبقَوه على تسمية العروبة، إلى نقلٍ خاص". "فتح الباري" (ج ٢ ص ٢٣٩) (٣).

أقول: قوله: "وقيل: إنّ أوّل من سمّى الجمعة "العَروبة" كعب بن لؤي، وبهذا جزم الفرّاء وغيره" مخالفٌ لما تقدّم عن الفرّاء، وكأنّ العبارة انقلبت، والصواب: "إنّ أوّل من سمّى العَروبةَ الجمعةَ"، وهكذا قال غيره.

والنظر الذي أطال في بيانه لا طائلَ تحته، فإنّه إن لم يثبت أنّ العرب قبل الإسلام تكلّمت بالأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت، فيمكن أن تكون هذه الأسماء كلها إسلامية. وإن ثبت أنّهم تكلَّموا ببعضها كالسبت، ولم يثبت في بعضها كالجمعة، فلا مانعَ من أن يكونوا غيّروا بعضًا وأبقَوا بعضًا؛ فأبقَوا العَروبةَ باسمها، حتّى غُيِّرت في الإسلام، وما الذي يوجب أن يكون التغيير كلُّه وقع في وقت واحد؟

وقول أهل اللغة: "الأسماء القديمة" يحتمل أن يكون المراد بالقِدَم ما


(١) في "الصحاح" (٦/ ٢٢١٨).
(٢) في الأصل "إلى"، وهو خطأ. والتصويب من "الفتح".
(٣) (٢/ ٣٥٣) ط. السلفية. هنا انتهى النقل الطويل من "الفتح".