وفيه (١): "عن عبدوس العطار: سمعت علي ابن المديني يقول للشافعي: اكتب كتاب خبر الواحد إلى عبدالرحمن بن مهدي، فإنه يُسَرّ بذلك".
وأمثلة هذا كثيرة.
وكثير من المؤلفات العلمية كان سببها المكاتبة بين العلماء، وكثير من الفتاوى المطولة صادر عن ذلك كما يعلم بمراجعتها كـ "فتاوى السبكي الكبير" وغيره.
كما أنّ كثيرًا من التواريخ استفاد مؤلفوها كثيرًا مما فيها أو أكثره بمكاتبة العلماء، كـ "تاريخ ابن خلكان" و"إنباء الغمر" و"الدرر الكامنة" لابن حجر العسقلاني، و"الضوء اللامع" للسخاوي، وغير ذلك مما تقدم أو تأخر.
وقد كان هذا العمل ــ أعني المكاتبة بين العلماء في المسائل العلمية ــ جاريًا في اليمن إلى مدّة غير بعيدة، وقد رأيتُ في المخطوطات اليمنية كثيرًا من ذلك.
فأصبح العلماء في هذا العصر متقاطعين، لا صِلَة بين علماء هذا القُطْر وعلماء القطر الآخر، بل ولا بين علماء القطر الواحد! بل ولا علماء البلد الواحد!!
فقد كان علماء البلد الواحد في العصور السابقة لا يكاد يمرّ عليهم يوم إلا وهم يجتمعون فيه ويتذاكرون.