نقول: لعله ظن الحديث صحيحًا، إما لعدم علمه [ص ٤] بجرح الراوي، وإما لأنه اعتضد عنده بدليلٍ قويّ عنده، إما بفهمه من القرآن، أو الأحاديث الثابتة، أو قياس، أو قول صحابيّ، أو إجماع ظنّه، أو عَمَل أهل بَلَدِه، أو غير ذلك.
الثالثة: إذا عَرَضتْ للمجتهد مسألة لم يجد لها دليلًا وإنما بلَغَه فيها حديثٌ ضعيف، فيجوز أن يؤدّيه اجتهاده إلى تصحيحه؛ لأن أمامه ثلاثة احتمالات:
أحدها: أن تكون الشريعةُ أهملت هذه المسألة.
الثاني: أن الأمة أضاعت الدليلَ الخاصَّ بتلك المسألة.
الثالث: أن يكون هناك دليل محفوظ، ولكن خفي على المجتهد.
والأوّلان باطلان فيتعيّن الثالث، وفيه احتمالان:
أحدهما: أن يكون ذلك الدليل غير هذا الضعيف ومخالفًا له.
الثاني: أن يكون هو ذلك الضعيف يُروى من طريق ثابتة، أو دليلًا آخر موافقًا له، والنظر يُساعد على ترجيح هذا الثاني.
فعلى هذا لم يَبْقَ هذا الضعيف ضعيفًا عند المجتهد، بل ترقّى عنده إلى رتبة الحسن بهذا النظر. فتدبّر.
الرابعة: قد يكون نوع أو فرد من الحديث صحيحًا في نظر مجتهد وهو ضعيف عند غيره، فإذا احتجّ ذلك المجتهد بما هذا حاله من الحديث أو عَمِل به فإنما عمل بالصحيح [ص ٥] في رأيه، فمِنَ الغفلة والمغالطة أن