للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب في أنواع الغلط، وأسباب وقوعه

الغلط: إما بزيادة، أو بنقصان، وإما بتقديم وتأخير، وإما بتغيير.

فأما الزيادة: فقد تكون من الناسخ أو المملي إذا كان رجل يُملي وآخر يكتب، إما عمدًا بقصد البيان ــ في زعمه ــ كأن يكون في الأصل حديث من طريق جابر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيزيد بعد جابر: "بن عبد الله". وفي نفس الأمر أنه جابر بن سمرة صحابي آخر، أو جابر بن يزيد الجعفي من أصاغر التابعين.

أو بقصد الأدب كأن يزيد بعد جابر: "رضي الله عنه". وكما يحكى عن بعضهم أنه وقع في كتاب عنده كلام عن "البتِّي" والمراد به: عثمان البتِّي أحد الفقهاء، فتصحفت عليه، فصارت "النبي"، فصحَّفها كذلك، وزاد: " - صلى الله عليه وسلم - " (١).

أو بقصد إصلاح غلط ــ في زعمه ــ كأن يقع في الأصل حديث من طريق مالك عن نافع عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيعلم أن نافعًا تابعي، وأن عامة روايته عن ابن عمر، فيظن أنه سقط من الأصل "عن ابن عمر"، فيزيدها ولا يبيِّن؛ أو لغير ذلك.

وإما سهوًا، كأن يكون قد عرف في المثال الأخير أن نافعًا يروي عن ابن عمر، فجرى قلمه بقوله: "عن ابن عمر" بدون روية.

وإما غلطًا. وأكثر ما يكون برجوعه إلى نظير الكلمة التي كتبها أو شبيهتها، فينشأ من ذلك التكرار. وكثيرًا ما يتنبه الناسخ بعد كتابة كلمة أو


(١) انظر: التنبيه على حدوث التصحيف (٩٢) وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف (٩٠). ومدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي للطناحي (ص ٢٩٤).