وينبغي أن تكون النسخة أو النسخ القلمية حاضرة عند المصحح ليراجعها فيما يشك فيه وقت التصحيح، لاحتمال أن يكون الناسخ أو المقابل لم يحقق النظر.
وقد وقع لنا مرارًا أن نعتمد على المقابلة، ثم يقع لنا عند التصحيح في موضع أنه غلط، ونظنه وقع في النسخة القلمية كذلك، فنذهب نفتِّش في المظان فنتعب، ثم يبدو لنا أن نراجع النسخة القلمية، فإذا هو فيها على ما وقع لنا أنه صواب.
وأما معرفة ما عند المؤلف، فيعرف بأحد أمور:
منها: وجوده في بعض كتبه المرتبة على الحروف.
منها: ضبطه إياه بالعبارة.
ومنها: وجوده بخطه المجوَّد.
ومنها: أن ينقله عنه بعض أهل العلم موضحًا، إلى غير ذلك.
وأما معرفة ما في نفس الأمر، فبنقل العلماء المحققين.
واعلم أن نص العالم الواحد يدل على ما في نفس الأمر، ولكن لا ينبغي في هذا والذي قبله الاكتفاء بعالم واحد، أو بكتاب واحد، أو بموضع واحد؛ فإن العالم قد يخطئ، وقد يسهو، وقد يتغير اجتهاده، وقد تكون عبارته تحرفت؛ فقد وجدنا من هذا كثيرًا، وقد نبَّهتُ على طائفة من ذلك في التعاليق على "التاريخ الكبير" للبخاري. وسيأتي لهذا مزيد إن شاء الله تعالى.