صباهما، وقال الله تعالى في مريم وعيسى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: ٢٩ - ٣٣] هل يجحد أبو ريَّة هذا؟ أم يجحد قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} [الأنعام: ٧٥ - ٧٦] الآيات؟ وقول الله تعالى لخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢] ونحوها من الآيات؟ أما المؤمنون فيؤمنون بهذا كله، ويؤمنون بأنبياء الله كلهم، لا يفرِّقون بين أحد منهم ولا يخوضون في المفاضلة بينهم اتباعًا للهوى. وأرجو أن لا يكون من ذلك ما يلجئ إليه مقتضى الحال هنا مما يأتي.
إن الفضل الذي يعتدّ به كمالًا تامًّا للإنسان هو ما كان بسعيه واجتهاده، ومن هنا كان فضل الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام. أما طعن الشيطان بيده فليس مِن شأنه أن يُثاب العبد على سلامته منه ولا أن يعاقَب على وقوعه له، بل إن كان من شأنه أن يورث في نفس الإنسان استعدادًا ما لوسوسته، فالذي يناله ذلك ثم يجاهد بسعيه ويخالف الشيطان ويتغلَّب علىه أَوْلى بالفضل ممن لم يَنَلْه.
ثم ذهب ــ قاتله الله ــ يسخر من حديث شقّ صدره - صلى الله عليه وسلم -، قال: (ولم يقفوا