ونحو هذا يقال في مسألة العروض: إنَّ المالك إنْ حبس العرض رجاء صعود قيمته فزكاة واحدة. وكذا إن حبسه بعذرٍ كعدم وجود مشترٍ، أو عدم القدرة على تسليمه، أو نحو ذلك. وإلا، فعليه الزكاة لكلِّ سنة لأنه في معنى الكنز، ولعلَّ صاحبه إنما أراد الحيلة على الزكاة.
* * * *
ما جاء في الصداق والحِباء (١)
مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قيامًا طويلًا، [فقام رجل] فقال: يا رسول الله زوِّجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «هل عندك من شيء تُصدقها إياه؟» فقال: ما عندي إلا إزاري [هذا]. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنْ أعطيتَها إياه جلست لا إزار لك، فالتمسْ شيئًا»، فقال: ما أجد شيئًا! قال: «التمس ولو خاتمًا من حديد!»، فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «هل معك شيء من القرآن؟» فقال: نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسُورٍ سمَّاها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «قد أنكحتكها بما معك من القرآن».
أقول:«هل عندك من شيء تصدقها إياه؟» صريح في أنه طلب منه ما يكون صداقًا تامًّا، فقوله بعد ذلك:«التمس ولو خاتمًا من حديد» ظاهر في أنه يفي بالمطلوب، وهو الصداق التام. وكذلك قوله بعد ذلك:«هل معك شيء من القرآن؟» ظاهر في أنها تفي بالمطلوب، أي عند الضرورة.