للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذنها له بالتزويج، يقول: إنّه لو وكَّل قبل إذنها بالتوكيل وبعد إذنها بالتزويج كانت الوكالة باطلة، ولو عقد الوكيل كان عقدُه باطلاً، كما يُعلَم من تمثيلهم له بالوكيل والعبد المأذون، وتوكيلهما بدون إذن الموكل والسيد باطلٌ، وتصرُّف من وكَّلاه باطلٌ.

وممّا يبيِّن أنّ الشيخ رحمه الله ذكر مسألة الولي في الفصل المتقدم الذي لم يذكر فيه إلا من كان توكيله باطلاً، وتصرف وكيله باطلاً، فأمّا "المحرّر" و"المنهاج" فإنهما زادا المُحرِمَ في النكاح (١)، ولكن بيَّن الشرَّاح أنّ المراد المحرم الذي وكَّل ليعقد الوكيل حال الإحرام، وهذا التوكيل باطلٌ، ولو عقد الوكيل كان العقد باطلاً، والله أعلم.

فأمّا غير المجبر فللقائل بجواز توكيله قبل إذنها أن يتمسّك بشُبهٍ:

الشبهة الأولى:

قد يقال: إنّما تُبطِلون توكيله؛ لأنّه لا يملك تزويجها حينئذٍ، ويجاب عنه: بأنّه من المتفق عليه أنّ الولي غير المجبر وليٌّ قبل إذنها، أي: أنّ له ولايةً شرعية ثابتة، سواءً أحبَّتْ ذلك أم كرهتْ، فلِمَ لا يكون له أن يجعل للوكيل مثل ما له من تلك الولاية؟

الجواب من وجوه:

الأول: أنّ المقصود من الولاية إنّما هو تولّي العقد، والولاية المذكورة لا تُسوِّغ الوليَّ تولي العقد أصلاً، فهي كالعدم، ولو دعت إلى كفءٍ وأبى الوليُّ زوَّجَها السلطان.


(١) انظر "المحرر" (ص ١٩٥) و"منهاج الطالبين" (٢/ ١٥٩).