للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: وعلى هذا أيضًا فبينهما وبين الولي غير المجبر فرق، وهو أنّ عمل الوصي والقيم يكون كثيرًا متشعبًا، تدعو الحاجة إلى أن يستعينا بغيرهما ويُوكِّلاه؛ فلذلك عُدّ سكوت الموصي والقيم عن اشتراط عدم التوكيل بمنزلة الإذن بالتوكيل، ألا ترى أن الوكيل إذا كان العمل كثيرًا لا يستطيع مباشرته، وعَلِمَ الموكِّلُ ذلك عند التوكيل؛ عُدَّ توكيله وسكوته عن المنع عن التوكيل إذنًا بالتوكيل، فأمّا الولي فإنّما هي كلمة واحدة يقولها، وإن فرض أنّه قد يعرض له ما يحوجه إلى التوكيل فذلك نادرٌ، يمكنه حينئذٍ أن يستأذن المرأة في التوكيل، فأمّا الوصيُّ والقيّم فعملهما كثيرٌ كما مرّ، ولا يمكن الوصيَّ استئذانٌ عند عروض الحاجة؛ لأنّه قد مات، وكثيرًا ما يتعسّر الاستئذان من القاضي لبعد مكانه ونحو ذلك بخلاف الوكيل، فإنّ تعسُّر مراجعته للموكل كالنادر، وكذا العبد المأذون له في التجارة، فأمّا احتياج وليِّ المرأة إلى التوكيل فأقلُّ وأندر، وتعسُّر مراجعتها ممّا لا يكاد يقع.

والحاصل أنّ المعنى الذي يدور عليه جواز التوكيل من النائب وعدمه هو كونه يكثر احتياجه إلى التوكيل، وعسر الاستئذان من المنيب، وهذا المعنى موجود في الوصي والقيم، وقليل في الوكيل والعبد المأذون له في التجارة، ونادرٌ جدًّا في ولي النكاح، فإذا منعنا الوكيل والعبد المأذون له في التجارة من التوكيل فوليُّ النكاح أولى، نعم إنّ له ولايةً شرعية، ولكنّه لا يملك بها الأمر الذي يريد أن يوكل به وهو العقد، وإنّما ملكه بإذنها، والله أعلم، على أنّ في الوصي والقيم خلافًا، والذي اختاره محمد رملي أنّه ليس لهما أن يوكلا إلا فيما عجزا عنه أو لم تلق بهما مباشرته.

واعلم أنّ من قال: ليس لغير المجبر التوكيل حتى يأذن له به، ولا يكفي